حالة الصحافة في فترة ما بعد القذافي
إن إسقاط القذافي –الحاكم لفترة زمنية ممتدة – في 2011 أدي الي فراغ السلطة وعدم الاستقرار ولم تتمكن أية سلطة منفردة من تحقيق السيطرة الكاملةكان مجلس القيادة العربي الذى أطلق عليه المجلس الوطني الانتقالي والذى سعي للإطاحة بحكومة القذافي قد أعلن تحرير ليبيا في أكتوبر 2011 وتولي مهمة حكم البلاد
إلا أنه فشل في فرض النظام علي كثير من الميليشيات المسلحة التي كانت قد نشطت خلال الشهور التي سبقت الاطاحة بالقذافي
قام المجلس الوطني الانتقالي بتسليم السلطة في أغسطس 2011 الي المؤتمر الوطني العام وهو البرلمان المنتخب
ثم قام المؤتمر بانتخاب رئيس مؤقت للدولة
اختار الناخبون برلماناً جديداً يحل محل المؤتمر الوطني العام في يونية 2014 أطلق عليه مجلس النواب
وبانتقاله إلي المدينة الشرقية طبرق، ترك طرابلس تحت سيطرة فصائل الميليشيات
وانتهزت الميليشيات المتطرفة للدولة الاسلامية فرصة الصراع القائم بين القوى الموالية للمؤتمر الوطني والبرلمان الجديد وقامت بالسيطرة علي عدد من المدن الساحلية بما فيها درنة و سدرا
وفي نهايات 2015 قامت الأمم المتحدة بنقض اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وفاق تسمي المجلس الرئاسي يتولي رئاسته رئيس الوزراء فايز السراج إلا أن كلاً من ادارتي طرابلس وطبرق رفضتا الاعتراف بتلك السلطة
وفي مارس 2016 وصل السيد السراج مع بعض نوابه إلي طرابلس واتخذ من إحدى القواعد البحرية مركزاً لقيادته
نتج عن تلك لحرب المستمرة بين مختلف الفصائل نزوح أكثر من 400,000 شخص في الداخل
وبالنظر الي موقع ليبيا القريب من أوروبا فقد تم استخدام ليبيا كممر للاجئين الليبيين وكذلك اللاجئين من شمال أفريقيا وجنوب الصحراء
في 2015 فقط تمكن قرابة 76,000 من اللاجئين والمهاجرين من السفر الي أوروبا عبر ليبيا
هناك قلق عام من تقسيم ليبيا
فقد حاولت مجموعات المتمردين والميليشيات تقسيم البلاد حسب الانتماءات السياسية والقبلية
ومن المستبعد أن تتمكن حكومة الوفاق الجديدة من تجميع الفصائل المختلفة لاعادة الاستقرار في ليبيا
إن التشرذم السياسي للبلاد فد أدى إلي تشرذم المجال الإعلامي أيضاً ذلك أن الإعلام في ليبيا – في واقع الأمر – يميل إلي التوافق مع البيئة السياسية المحيطة به مما يزيد من صعوبة العمل
وحتي نتفهم جيداً تكوين المجال الإعلامي الليبي حالياً لا بد لنا أن نعود إلي1969 عندما تولي القذافي السلطة
فقد قام بالاستيلاء علي التليفزيون والاذاعة مباشرة وبعد سنوات قليلة أجبر الصحف المملوكة لغير الدولة علي الخروج من السوق
وبذلك أسس فعلياً لاحتكار الدولة للإعلام
كثيراً ما كان الإعلام أثناء فترة حكمه الديكتاتورى يتخذ أشكالاً مختلفة
كما أعيد تنظيم المؤسسات للسيطرة علي شعبه بشكل أساسي ولضمان الاحتفاظ بالسلطة داخل عائلته
في 1992 فرضت الأمم المتحدة عقوبات علي ليبيا وذلك لضلوعها في عملية تفجير لوكيربي في 1988
وحال ذلك دون استخدام الدولة للتكنولوجيا المتقدمة وبالتالي أدى الي أزمة الورق في بدايات ومنتصف ال2000 مما حال دون صدور الصحف في النهاية
أسقطت العقوبات في 2003 لكن ليبيا ظلت دولة ذات إعلام متخلف
في 2011 وبعد اسقاط القذافي تم تغيير قيادات الإعلام لكن الهيئة المكونة من 5000 ال 6000 من العاملين ظلت باقية مع تحويل ولائها ما بين عشية وضحاها
لم يكن منهم صحفيون بمعايير الغرب: الذين يحملون نظام الحكم والنخبة المسؤولية ويتولون مهمة الرقابة
كان انتاجهم ينحصر في مواد متدنية التقنية ودون المستوى لا تمس من قريب أو بعيد أموراً يمكن أن تحدث ثورة مثل نظام الحكم أو الإسلام أو الأقليات أو المواضيع الإقليمية
أثناء أحداث الثورة في 2011 نشط جيل جديد من الصحفيين
شباب ذوو خبرة قليلة بصناعة الإعلام مسلحين بأقلامهم وميكروفوناتهم يؤيدون الثوار ويحفزون الحركة ضد القذافي
يُدعون صحفيو المواطن
وقد أدى ذلك إلي زيادة منافذ الإعلام في الصحف وعبر الانترنت
واليوم تجد ليبيا نفسها في فترة انتقالية حيث الإعلام يمثل وسيلة محتملة لتيسير النقاش
لذلك فمن الضرورى تطبيق الاحترافية في قطاع الإعلام من أجل تحقيق الديمقراطية في البلاد
بالرغم من تشاؤم الكثيرين بسبب قلة عدد الصحفيين من النوعية الجيدة، والعجز عن جذب المواهب من الدول العربية الأخرى وكذلك الخطر المرتبط بالكتابة عن الميليشيات والمتمردين السابقين، يعتقد البعض أن الجيل الجديد ربما لديهم ما يحتاجونه لريادة الطريق وتحديث المجال الإعلامي الليبي