بعد عام 2003 وبعدما دخل الانترنت في حياة العراقيين. قامت مؤسسة كالوب العالمية باجراء استطلاع حول معدل استخدام الانترنت في العراق. حيث حققت النسبة معدل 70% وهذا التغيير السريع جعل النشاطين الاجتماعين يستخدمون الانترنت كوسيلة للتواصل مع المجتمع وتحقيق أهدافهم.
ومن خلال هذا السياق عملنا استطلاع مع 73 ناشطا اجتماعيا عراقيا، حول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الناشطين الاجتماعين وكيفية حشد الحركات الاجتماعية وتحسين وضع الاعلام.
كانت نتائج الاستطلاع غالبيتهم من الذكور والغالبية من النشاطين تحت سن الأربعين.
وعن سبب استخدام الناشطين الاجتماعيين لوسائل التواصل الاجتماعي اجابت الدكتورة سحر خليفة استاذة الدعاية والتربية الاعلامية في الجامعة العراقية – كلية الاعلام.
د. سحر: من المعروف الفرق بين وسائل الاعلام التقليدية ووسائل الاعلام الجديدة، الاتاحة ومساحة الحرية فضلا عن التأثير. لذلك نجد ان الناشط الاجتماعي في العراق قد اتجه الى مواقع التواصل الاجتماعي لأنه وجد فيها تلبي احتياجاته في تناول الكثير من القضايا وتحقيق أهدافه. المؤسسات الاعلامية التقليدية لا تهتم عادة في تغطية النشاط المدني الا في إطار محدود يحقق اهدافها وسياستها الإعلامية.
ان الجواب الاكثر شيوعا من قبل النشاطين الاجتماعين حول هذه الاستطلاع هو سهولة الوصول والاستعمال بالاضافة الى سهولة التواصل مع الاخرين والتفاعل مع المتلقي عبر شبكات التواصل الاجتماعية.
اضافة الى ذلك سألنا الناشط محمد عن اهمية شبكات التواصل الاجتماعي فأجاب قائلا:
محمد: انا اعتقد ان وسائل التواصل الاجتماعي لها اهمية أكثر بسبب قلة ثقة المجتمع العراقي بوسائل الجماهيرية وبسبب الظروف السياسية في البلد بالاضافة الى وسائل التواصل الاجتماعية أسهل، أسرع، أكثر واقعية، وقليلة التكلفة.
وقد اتفقت معه الناشطة تقى على اهمية وسائل التواصل الاجتماعية:
تقى: بالنسبة إليّ تشكل اهمية أفضل من وسائل الاعلام السمعية والمرئية لانها سهلة الوصول بالاضافة لكونها غير مكلفة
وسألنا الدكتورة سحر حول ضرورة وجود معرفة مسبقة ام لا بوسائل الاعلام التقليدية من قبل النشاطين الاجتماعين فأجابت موضحةَ:
د. سحر: هناك بعض النشاطين لهم خلفية اعلامية. النشاط المدني متاح للكل لكن النجاح يتطلب بعض المعرفة بوسائل التأثير. لذلك استخدام الناشطين لوسائل التواصل يعود الى جماهيرية وتأثير هذه المواقع، لكن هذا لا يمنع من وجود ناشطين قليلي الخبرة في الجانب الإعلامي، فاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لا يتطلب مهارات معينة وانما حساب على الموقع وادارة جيدة لما ينشر فضلا عن التفاعل مع الجمهور.
وحسب ما جاء في الاستطلاع فإن الناشطين يفضلون العمل من خلال نشر صورة او كتابة نص معين في حين ان نسبة قليلة منهم تقوم بتصوير فديو ملحق بنص.
عما عن مدى تأثير النشاط الاجتماعي عبر شبكات التواصل الاجتماعية فوضح الناشط محمد قائلاَ:
محمد: التأثير جدا ملموس لكن على مساحة ضيقة جدا. الناشط المدني في العراق جديد وما يزال بخطواته الأولى، قلة الخبرة والاستعجال في التنفيذ تضيف الى ذلك الوضع الأمني.
وكما ورد في الاستطلاع. عبر الناشطون عن مدى تفائلهم بشأن تأثيرهم على المجتمع بينما يقل تفائلهم حين يتعلق الامر بسلوك وتصرفات الحكومة او الاحزاب السياسة. اما عن دور السياسة والاحزاب السياسة فأضافت الدكتورة سحر موضحة
د. سحر: هناك دور يلعبه السياسيون تجاه النشاط المدني والاجتماعي في العراق. الجانب الاكبر هو الجانب السلبي عبر استغلال بعض السياسيين والاحزاب والتيايرات للناشطين لتمرير بعض المكاسب لهم. يكون هذا اما اغرائهم بدعم مادي او تسهيل عملهم. بالتأكيد لا يكون هذا الدعم دون مقابل. فنجد ان بعض الاحزاب والتيارات تعمل على توظيف بعض الاعلاميين من اجل ادارة صفحات تظهر كنشاط مدني او اجتماعي لكن في حقيقة الامر، يحقق مكاسب لهذا الحزب او هذا التيار هذا بالنسبة لهم مشروع قليل التكلفة كثير الفائدة.
اضافة الى ذلك عبر بعض من الناشطين الشباب في الاستطلاع حول كون وسائل الاعلام مسيسة من قبل مالكيها وهم على ايمان مطلق بأن وسائل الاعلام لا تعمل الا بما تراه ينتمي لسياسة او طائفة معينة.
وبالنسبة لموضوع التمويل فشاركنا كل من تقى ومحمد ارائهم عن صعوبة التمويل للنشاط الاجتماعي:
تقى: وسائل الدعم تكون مقتصرة ما بين التعاون بين الدعم الذاتي وما بين الاصدقاء المقربين التي رسمت بيني وبينهم حدود الثقة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
محمد: نعم توجد عدة جهات تقوم بالتمويل في البداية كان التمويل من المؤسسات الدولية، وبعدها من المؤسسات المحلية لكن الحصول على التمويل صعب جدا. كثير من النشاطين خاصة الشباب ليس لديهم خبر للتقديم على هذا التمويل.
حوالي 50% ممن شملهم الاستطلاع يعتمدون في مشاريعهم ونشاطاتهم على الدعم الذاتي.
واخيرا اضاف كل من تقى ومحمد عن المشاكل التي يواجها الناشطون:
تقى: من أبرز المشاكل التي اواجهها من خلال استخدامي لوسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الفيس بوك هي بعض التبليغات، بعض الخروقات وبعض التهديدات التي نستلمها من حساب وهمية.
محمد: بالنسبة إليّ من خبرة شخصية. اعتقد قلة الخبرة بتحليل الرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، اضافة الى قلة الدراسات والبحوث حول هذا الموضوع وكيفية استعمال ” جمع المبالغ” لتمويل مشروع او قضية معينة.
اما ردود الاستطلاع فتعبر عن انعدام مستقبل واضح لدى النشاطين المدنيين وغياب التعاون لبناء مفهوم اجتماعي، رغم ذلك فإن لدى النشاطون عدة اهداق طموحة لكن قلما استطاعوا ان يؤكدوا وضوع هذه الاهداف وفيما إذا كانت ذات مستقبل مشرق.
كما رأينا وعلى الرغم من تطور وازدهار وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة عدد النشاطين الاجتماعيين لكن مايزال هذا النشاط ذات تأثير محدود، ويعزى ذلك الى شحة الدعم المالي، قلة الخبرات، الدور السلبي الذي تلعبه السياسة في النشاط الاجتماعي بالاضافة الى ذلك عسرة الوضع الأمني.