قوانين الاعلام المصرية الجديدة وآثارها
اعتمد البرلمان المصرى أخيرا قانون الاعلام الجديد.
الا أنه قد تم اقرار قانون التنظيم المؤسسي للاعلام فقط في شهر ديسمبر 2016 .
وطبقا للقانون الجديد فقد تم الغاء وزارة الاعلام واستحدث بدلا منها ثلاثة كيانات لتنظيم المجال الاعلامي في مصر تماشيا مع دستور 2014.
وهذه الكيانات الثلاثة هي: المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام وهو المنوط به تنظيم الصحافة والاعلام بشكل عام.
والهيئة الوطنية للاعلام وهي المسؤولة عن الرقابة علي الاعلام المسموع والمرئي المملوك للدولة.
والهيئة الوطنية للصحافة وهي المسؤولة عن الرقابة علي الاصدارات المملوكة للدولة .
وقد جاء هذا القانون بعد مناقشات طويلة استمرت لنحو ثلاث سنوات منذ اقرار الدستور في 2014 .
الا أن د. حسين أمين – وهو أحد أعضاء لجنة اعداد مسودة القانون – أعرب عن أن المسألة لم تكن تأخير ثلاث سنوات فقط بل أنه نتاج 17 عاما من النضال المستمر.
مقابلة مع د. حسين أمين عضو لجنة اعداد مسودة القانون :
“انها سبعة عشر عاما”
الجديد، أننا حين نتحدث عن قوانين الإعلام في 1999، فإننا نعرض النسخة الأولي للقانون في 1999 . فقد كانت هناك معارضة كبيرة من القيادة…. القيادة السياسية للدولة.
حرص النظام وقتها علي ابطاء العملية. ولا أقول تجميدها، لأنها وصلت إلى رئيس الوزراء ولكن كان يتم تعطيلها.
وقد تم اختبارهذا القانون عبر نشره في جريدتي المصري اليوم ونهضة مصر وذلك لتشجيع العامة علي قراءته وابداء الرأي فيه. وكالعادة وصل الي مستوي رئيس الوزراء ثم تم تجميده.
هذا النظام السلطوي يحاول السيطرة علي الاعلام حتي لا يصير الاعلام حرا أو مستقلا بشكل كامل….كلا. لذلك كانت هناك قيود معينة مفروضة من الحكومة والدولة.
وفي هذا المعني بالطبع كنا نعاني من تأخير بعد تأخير بعد تأخير لأننا كنا نفهم أننا كنا نعاني من احباط شديد ولكننا أيقننا حينها أن كل هذه التأجيلات كانت بدافع الخوف من فقدان السيطرة. لكن هذا الخوف اختفي وانهار بعد 2011.
ومع ذلك يعتقد بعض الأكاديميين والخبراء أن المجال الاعلامي في مصركان يعاني مرورا بفترة صعبة خلال السنوات القليلة الماضية.
مقابلة مع د. حنان بدر
حاليا تواجه الساحة الاعلامية قيودا هائلة ومراحل ضغط خلال السنوات القليلة الماضية ومنذذ 2013 بعد صعود هائل للمجال السياسي والاعلامي .
فهناك جهد منهجي لغلق هذا المجال العام
ويتم عبر وسيلتين : أحداهما قمعية باعتقال الصحفيين أو مضايقتهم من خلال عملهم . والأخري عن طريق اجراءات قانونية .
تمتلك مصر احدى أكثر الصناعات الاعلامية الراسخة والمؤثرة في الشرق الأوسط .
وبالرغم من أن الاعلام عاني كثيرا من الفوضي في السنوات القليلة الماضية – طبقا للأكاديميين – الا أنهم ما زالوا يؤمنون بأن الوصول الي هذه النقطة – قانون جديد ينظم المشهد الاعلامي – هي خطوة علي الطريق الصحيح .
مقابلة مع د. مني مجدي
“للأسف كانت هناك فوضي إعلامية مؤخراً
لوحظ وجود مساحات كبيرة من عدم المسؤولية في الممارسات الاعلامية وأيضا علي المستوي المهني .
ولم يحدث أ ي نوع من المساءلة للمؤسسات أو النقابات المنو ط بها المطالبة بحقوق الحصول علي المعلومات.
ومع ذلك اعتقد أن هذا البحث يضع أقدامنا علي أول طريق الحصول علي قانون منظم للمهنة يحدد القواعد التي تضمن المساءلة والشفافية ويعد هذا خطوة الي الأمام.
ومع ذلك فإن قانون الاعلام الجديد كان موضع نقد .
فهناك قلق وأسئلة من نطاق واسع من الاكاديميين وممارسي المهنة.
مقابلة مع د. حنان بدر
يحتوي في الأساس علي بعض الفقرات الاشكالية التي تضيف سلطة أكبر للسلطة التنفيذية للتحكم في المجال الاعلامي .
فمثلا: يمكن أن يحاكم الصحفي الذى يغطي أحداثا معينة إذا أدلي بمعلومات تخالف المعلومات الرسمية. وهو ما يمكن اعتباره من جهة السلطة وسيلة لاعادة الارهاب وهو ما يجافي صورة الوطني المخلص.
أما الاشكالية الأخري فهي أن الرئيس له سلطة تعيين رؤساء الكيانات الثلاثة التي تقوم بتنظيم الاعلام.
مقابلة مع د. مني مجدي
ربما لا تكون السلبيات ملحوظة حالياً.
إلا أن عملية اختيار الأعضاء الممثلين لمتخذى القرارات في هذه الكيانات ما زالت مسألة جدلية.
وعلي سبيل المثال: إلي أي حد تتدخل السلطة التنفيذية في اختيار وتعيين شخصيات محددة وإلي أي مدي نستطيع الفصل بين مؤسسات الصحافة والاعلام من ناحية والسلطة التنفيذية من ناحية أخري.
مقابلة مع د. محمود بسيوني
إن الغالبية العظمي من رؤساء وموظفي الكيانات الثلاثة : المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للاعلام هي من الشخصيات الحكومية .
أكثر من 60% من كل هيئة هم من الشخصيات الحكومية أو تم تعيينهم من الرئيس.
ونتيجة لذلك فإن الديمقراطية المفترض تواجدها في هيكلة هذه الهيئات – كما هو موضح في الدستور – لن يتم تحقيقها .
“عضو البرلمان ” مصطفي بكري قائلا : “سوف أعلق علي موضوع عدد الشخصيات الحكومية أنهم أكثر من غيرهم “
وقد أثيرت هذه المسألة في البرلمان لكن تم انكارها من بعض الأعضاء .
وقالوا أنه قد تم تعيين شخصيات مستقلة في مجالس كل من الهيئات الثلاثة بالفعل .
علاوة علي ذلك فإن تعيين رؤساء الهيئات الثلاثة ليست مشكلة في حد ذاتها وإنها لا تتعارض مع استقلالية عملهم!
مقابلة مع د. حسين أمين
“دعني أذكرك أنه حتي في الدول ذات الاعلام الراسخ المستقر فان رئيس المفوضية الفيدرالية للاتصالات يتم تعيينه من قبل الرئيس .
لذا فان تعيين الرؤساء لا يتعارض مع مبدأ الاستقلالية أو استقلالية الصحافة . لكنه يمكن أن يؤثر علي العمل من حبث مستوي وضخامة حجم متطلبات المهمة .
ومن ناحية أخرى كانت هناك مطالبات في البرلمان لتقديم قانون الاعلام الموحد لاقراره وليس فقط قانون الاعلام المؤسسي.
وقد أثير بعض القلق من أن انشاء الهيئات الثلاثة بدون القانون يمكن أن يمنحها سلطة أكبر للتحكم في الاعلام.
لكن رؤساء تلك الهيئات لهم رأي آخر .
مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام .
إن قرار انشاء الهيئات الثلاثة أولا هو القرار الصائب لأنه يضع الحصان أمام العربة . لأن هذه الهيئات سوف تراقب تطبيق القانون .
مقابلة مع د. حسين أمين
في المناخ العام الانتقالي السليم يعتبر تقديم القانونين سوياً اختياراً مثالياً ولكنه ليس كذلك.
هذا وقت صعب كما يصنفه كثير من الخبراء.
وطبقاً لخبراء آخرين فإن قانون الاعلام الجديد به جوانب إيجابية أيضا.
فعلي سبيل المثال : أولاً : أن قانون الاعلام الجديد لم يتضمن فقط قواعد تنظيم المطبوعات والصوتيات والمرئيات بل تعداها ولأول مرة إلى وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الرقمية
ويعتقد بعض الخبراء أن القانون يمكن أن يوفر الحماية للصحفيين.
مقابلة مع د. مني مجدي
من المؤكد أننا نحتاج إلي التطوير سواء في انشاء أو تعديل المواد القانونية.
نحتاج لوضع تعريفات محددة لبعض الكلمات التي تبدو وكأن لها معاني فضفاضة.
علي سبيل المثال “حرية التعبير” . ماذا نعني ب” حرية التعبير ” ؟
أو ” الأمن القومي “. ما هي حدود انتهاك ” الأمن القومي ” ؟
كل هذه المصطلحات القانونية يجب أنت تطور .
وأيضا نحتاج لاجراءات لتطبيق القانون .
مقابلة مع د. حنان بدر
مازالت هناك أشياء يجب العمل عليها . فعلي سبيل المثال تدريب الصحفيين بتعريفهم حقوقهم وتوفير المساعدة القانونية لهم لمعرفة حقوقهم وواجباتهم بكل دقة. وأن من واجبهم ترسيخ هذه الثقافة المهنية وكذلك مفهوم أن الصحافة ليست جريمة وهو شعار كان يرفع في بعض الاحتجاجات في مصر.
ولكن أيضا استحداث أشكال مختلفة من النقاش بين الصحفيين من مختلف المجتمعات وهي مسألة غاية في الأهمية حيث أن الاحتكاك بنماذج من الدول الأخرى ونظمها الاعلامية يؤثر ايجابياً في ثقافة الاعلاميين وكذلك التبادل الثقافي والتحالفات الخاصة ما بين الصحفيين والممثلين الذين يدافعون أساساً عن حقوقهم بدون الحاجة الي الاصطدام بالقانون.
مقابلة مع د. حسين أمين
مازال هناك الكثير الذي يتوجب تحقيقه، إذ يجب أن يتسم أداء هذه الهيئات الثلاثة الجديدة بالتناغم والشفافية والوضوح مع الرئاسة.
وتأسيس هذا التناغم في الأداء هو مسؤولية كل من تم تعيينه رئيسا لكل هيئة.
ومن هذا المنطلق فاننا نعلم أن جزئية الشفافية والتناغم تأسست لأن الرئيس يعرف جيداً من اختارهم لتلك الهيئات وكذلك يعرف أداءهم وعلي اتصال شخصي بهم .
وفي ظل وجود نطاق واسع من المنصات الاعلامية وآلاف من قنوات التليفزيون والاذاعات والصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، وفيما بين جانبي الجدل المثار علي قانون الاعلام الجديد، فإن المواطن يأمل في
ممارسات إعلامية أفضل وفي نفس الوقت شفافة ومهنية.
وأيا ًكان الجدل بخصوص قانون الاعلام الجديد إلا أنه يعتبرخطوة إلي الأمام.