داخل وخارج سوريا :
النشاط الرقمي العابر للحدود”
منذ بداية الحرب الأهلية السورية في 2011 أغرقت الصور الجديدة للثوار الصحف وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التليفزيون حول العالم .
كثيرا ما يكون المحتوي الذي يصلنا هو نتاج النشطاء الذين يعدون التقارير عن الاحتجاجات في مواجهة التضييق والتهديد بالاعتقال أو القتل ، ليس فقط من وسائل الإعلام السورية التقليدية الموالية للنظام بل أيضا من الفصائل المعارضة المسلحة المختلفة .
إن الأرضية السياسية السورية الشديدة التفتت ، المحددة بنظام حكم سلطوي ومعارضة مستقطبة ومتشرذمة مكونة من مجموعات عرقية وطائفية مختلفة تنعكس مباشرة في نظامها الإعلامي المقيد.
في مقدمة كل هذا، يعمل النشطاء السوريون في الشتات كوسطاء بين الصحفيين الأهليين المحليين والنشاط الإعلامي السائد العابر للحدود.
دوناتيلا ديلا راتا ، جامعة جون كابوت أحد مؤسسي حكاية ما انحكت :
أخشي أنه منذ بداية ثورة 2011، عمل النظام في المنطقة علي التأكيد أنه لم يعد هناك مكان لأي من مبادرات النشطاء في المنطقة في الوقت الحالي لأنهم خائفون.
لقد رأوا جهود النشاط الرقمي ، ورأوا قوة النشاط الرقمي ، مقترنا بالطبع مع النشاط التقليدي علي الأرض.
لذا فقد قاموا بتنفيذ كثير من الإجراءات الأمنية لضمان عدم تواجد أي مجال للنشطاء في البلاد.
الوساطة الثقافية تشير الي تعاون النشطاء المحليين، مع السوريين في الشتات والإعلام الإخباري الدولي لتخطي الفجوة عند المجموعات المعزولة من ناحية أخري وبذلك يمكن تسهيل تدفق المعلومات من داخل الدولة ، عادة عن طريق التواصل الاجتماعي ، إلي منصات الاعلام العابر للحدود بينما أيضا يفتح مجالات جديدة لوصول الأنباء العالمية إلي الشعب السورى.
غير أنه بسبب تعدد الأصوات وغياب القدرة علي التثبت من المعلومات ، فإن اعتماد الإعلام الدولي علي المواد التي يوفرها الناشطون يعتبر مشكلة عويصة.
لاأحد من الفاعلين في هذه الشبكة يعتبر محايدا بشكل كامل ، إن اهتمامهم منصب علي تقديم قصتهم عن الثورات الي منصات الإعلام بحيث يكيفونها بطريقة تمكنهم من الحفاظ علي أماكنهم في أجندة الأخبار العالمية ، بينما يعمل الإعلام الغربي لضمان تأثير مستمر علي الإعلام السورى ، وبالتالي علي المجتمع المدني .
دوناتيلا ديلا راتا :
هناك الكثير من نماذج النشطاء السوريين الذين يقومون بتكييف محتواهم حتي يتوافق مع متطلبات السوق الدولي وأيضا هناك الكثير من نماذج النشطاء السوريين الذين يفعلون العكس تماما ، لذلك لا نستطيع التعميم .
وبسبب الخطورة المتزايدة لوضع الصحفيين والنشطاء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمنطقة المغاربية ، تضطر منظمات النشطاء الي تحويل قواعدهم القانونية إلي مدن خارج المنطقة .
برلين واحدة من هذه المراكز الجديدة .
المدينة ، المعروفة بتعدد الثقافات والتطور التكنولوجي ، تعتبر مساحة آمنة للنشاط الرقمي وتستضيف العديد من النشطاء من المنطقة.
تبني ثورة وحكاية ما انحكت هما مؤسستان أنشأتا مركزيهم الرئيسيين في برلين .
تبني ثورة مؤسسة غير حكومية تأسست بواسطة نشطاء سوريين وألمان في2011 يدعمون “منظمة مدنية ذاتية ضد دكتاتورية الأسد والتطرف الديني ” حكاية ما انحكت تم تأسيسها في 2012 في بيروت بواسطة مجموعة دولية من الأشخاص بهدف اعطاء المجتمع المدني في سوريا صوتا ونشر الوعي بما يحدث في سوريا عبر الإعلام الرقمي .
تعمل المنظمة مع نشطاء علي الساحة ، وخبراء دوليين وصحفيين .
أصبحت المؤسستان جزءا من المقاومة ضد نظام الأسد عن طريق دعم المجتمع المدني السورى عبر وجود صحافة الإنترنت الخاصة بهم وكذلك المشروعات المحلية.
صوفي بيشوف – تبني ثورة :
في ألمانيا ، وبشكل ملموس ، نتعاون ونعمل سويا مع منظمات سورية ، هي نفسها في المنفي ، مثل منظمة Families for Freedom ومن أجل تجميع وتوثيق المعلومات ، تقوم كل من المنظمتين باستخدام شبكات ثقة قاموا بتكوينها في سوريا و بين السوريين في الشتات .
إن الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين الذين وصلوا ألمانيا في 2015 ، كانت سببا في نمو الاهتمام العام بالنزاع السورى بشكل سريع.
، ومناقشته علي نطاق واسع في الإعلام الألماني.
لكن منذ ذلك الحين بدأ الاهتمام العام يقل بشكل ثابت .
صوفي بيشوف :
أقول ، أنه منذ 2015 ، كان هناك اهتمام شديد مستمر بالموضوع السورى ، الذي يتعلق بشكل كبير بتواجد السوريين في ألمانيا .
مؤخرا ، بدأ الاهتمام – اهتمام الإعلام أو اهتمام الجمهور – في التناقص لأن الإعلام يقوم بتصدير صورة أن الحرب في سوريا قد أنتهت وأن النظام قد فرض سيطرته علي كل شيء مجددا.
بالنسبة للمنظمات التي تدعم النشاط علي الإنترنت داخل وخارج سوريا بشكل يومي ، فإن تمويل النشاط الرقمي هو مسألة في غاية الأهمية.
منظمات مثل حكاية ما انحكت وتبني ثورة تعتمد علي موارد مالية لتنظيم عملها وخلق محتوى بانتظام .
هذه الموارد يتم توفيرها عن طريق التبرعات والشركاء الدوليين ، مثل دعم وسائل الإعلام الدولية (IMS) و شبكة من أجل التغيير الاجتماعي .
Network for Social Change
دوناتيلا ديلا راتا :
إن السياسة الاقتصادية للنشاط الرقمي هي مسألة في غاية الحساسية.
ونحن بسذاجة نظن أن النشاط الرقمي لا يحتاج المال ، ولا يحتاج الدعم ، لأنه يرتكز علي الإنترنت ، لكن هذا ليس صحيحا .
خاصة حين يتعلق الأمر بنشاط يومي مثل حكاية ماانحكت.
نحن متطوعون لأننا نعمل بوظائف أخرى .
الحمد لله أن لدينا وظائف أخرى .
لكن حين يأتي الأمر للموظفين السوريين ، فإنهم لا يستطيعون أداء العمل كعمل تطوعي.
ربما في مرحلة البداية ، نعم ، لكنهم بعد ذلك يحتاجون مرتبات.
لذلك يجب أن يكون هناك سياسة اقتصادية للنشاط الرقمي .
) طبقا للبروفسور ديلا راتا ، فإن تمويل النشاط الرقمي كثيرا ما يكون غير مرئي لأن كثيرا من المنظمات غير الحكومية ليست شفافة بخصوص نوعيات المبادرات التي تدعمها.
وهكذا فإن مهمتنا كباحثين جلب مزيد من الشفافية لهذه المسألة.
دوناتيلا ديلا راتا :
النشاط السياسي ، إذا تمت ممارسته في النطاق الرقمي فقط، فلن يؤدى إلي أي نتيجة.
أنجح النماذج للنشاط التي أراها في الشرق الأوسط أو في أوروبا هي التي أراها علي الأرض ، حيث أرى أجسادا ، حيث أري أشخاصا يؤدون عملا مجتمعيا ، حيث يعملون مع الناس المحليين ، ليس فقط علي الشبكة العنكبوتية.
الشبكة أصبحت ساحة خادعة لممارسة السياسة، لسوء الحظ .